لم يتضمن الأمر التشريعي رقم (74) لسنة 2004 (القانون المؤقت لأسواق الأوراق المالية) تعريفًا صريحًا لمصطلح “المعلومة الداخلية”.
التعليمات التي عالجت المفهوم سنة 2011
لكن لاحقًا صدرت تعليمات وضوابط عالجت هذا المفهوم، وهي تعليمات رقم (16) لسنة 2011 الخاصة بتداولات الأشخاص المطلعين في الشركات المساهمة المدرجة في سوق العراق للأوراق المالية.
التعريف التشريعي وفق تعليمات 2011
عرّفت المادة (1) من تلك التعليمات المعلومة الداخلية بأنها:
“تلك المعلومة التي يحصل عليها المطلعون، والتي لا تكون متوافرة لعموم الجمهور وغير مُعلن عنها، وقد تؤثر على سعر الورقة المالية عند الإعلان عنها.”
عناصر المعلومة الداخلية وفق هذا التعريف
ويتضح من هذا التعريف أن المعلومة الداخلية تتميز بثلاثة عناصر أساسية:
-
أنها غير متاحة للجمهور (سرية وغير معلنة)،
-
وحصل عليها شخص مطلع بحكم موقعه،
-
ويحتمل أن يكون لها تأثير على سعر السهم عند إفشائها.
المعلومة الجوهرية في مشروع قانون الأوراق المالية العراقي لسنة 2019
استبدال المصطلح في مشروع القانون
في مشروع قانون الأوراق المالية العراقي لسنة 2019 تم استخدام مصطلح “المعلومة الجوهرية” بدلًا من “المعلومة الداخلية”.
تعريف المعلومة الجوهرية في المشروع
فقد ورد في المادة (1) تعريف المعلومة الجوهرية بأنها المعلومة التي تعتبرها هيئة الأوراق المالية مهمة ومؤثرة في قرار الاستثمار أو التصويت بشأن ورقة مالية، ولها أثر مهم على سعر تلك الورقة.
تركيز المشروع على مقدار التأثير
أي أن المشروع ركّز على جوهرية المعلومة من حيث مقدار تأثيرها، واشترط أن يكون تأثيرها “كبيرًا” على سعر الورقة المالية وقرارات المستثمرين.
القيمة القانونية وخطورة الاستغلال
وهذا الوصف الدقيق (جوهرية التأثير) هو ما يكسب المعلومة الداخلية قيمتها القانونية؛ فكلما كانت المعلومة أكثر تأثيرًا، ازدادت خطورة استغلالها قبل الإعلان عنها.
التعريف الفقهي (الدوكتوري) للمعلومة الداخلية
اجتهاد الفقهاء إلى جانب التعريفات التشريعية
إلى جانب التعريفات التشريعية، اجتهد الفقهاء أيضًا في تعريف المعلومة الداخلية.
جوهر التعريفات الفقهية
ورغم اختلاف الصياغات، فإن أغلب التعريفات الفقهية تدور حول نفس المفهوم: معلومة غير معلنة ذات تأثير جوهري على سعر الورقة المالية.
أمثلة على التعريفات الفقهية
من تلك التعريفات مثلاً: “المعلومة غير المتاحة للجميع، والتي لو عُرفت لكان من شأنها أن تؤثر تأثيرًا جوهريًا في أسعار الأوراق المالية.”
وكذلك عرفها البعض بأنها مجموعة بيانات محددة غير متاحة للجمهور تتعلق بالأوراق المالية أو بالشركة المصدرة لها أو بظروف السوق، والتي يمكن أن يُتخذ بناءً عليها قرار بالتعامل على تلك الأوراق.
الشروط التي ركّز عليها الفقه
واتفق العديد من الفقهاء على أن المعلومة الداخلية لا بد أن تكون غير معلنة للجمهور، وذات تأثير جوهري (ملموس) على الأسعار، بحيث إن نشرها سيؤدي إلى تغيير سعر الورقة المالية ارتفاعًا أو انخفاضًا.
شرط الدقة والصحة والتأكيد
كما أضاف بعضهم ضرورة كون المعلومة حقيقية ودقيقة، وليست مجرد شائعات أو معلومات مضللة؛ إذ يشترط أن تكون المعلومة صحيحة ومؤكدة حتى تعتبر معلومة داخلية قابلة للاستغلال.
تعريف جامع يتماشى مع التشريع العراقي
صياغة تعريف شامل
وفي ضوء تلك التعريفات، يمكن استخلاص تعريف جامع يتماشى مع التشريع العراقي: المعلومة الداخلية هي كل معلومة غير معلنة للجمهور تتعلق بالشركة المصدرة للأوراق المالية أو بأسهمها، أو بالظروف المحيطة بها (اقتصادية كانت أم سياسية أو غير ذلك)، والتي قد تؤثر على سعر الورقة المالية.
العناصر المتفق عليها
هذا التعريف يبرز العناصر المتفق عليها فقهيًا وتشريعيًا: سرية المعلومة، وكونها جوهرية التأثير على القيمة السوقية.
الخاتمة
في ختام هذا المقال، يتضح أن المعلومة الداخلية في التشريع العراقي ترتكز على جوهر واحد: معلومة غير معلنة للجمهور يحصل عليها شخص مطّلع بحكم موقعه ويمكن أن تُحدث تأثيرًا جوهريًا على سعر الورقة المالية. كما يبيّن الإطار القانوني—وخاصة تعليمات (16) لسنة 2011—أن حماية السوق تقوم على مبدأ تكافؤ الفرص ومنع أي استغلال يسبق الإفصاح الرسمي، بينما جاء مشروع قانون 2019 ليعزّز هذا الاتجاه عبر التركيز على مفهوم “المعلومة الجوهرية” ومدى تأثيرها “الكبير” على السعر وقرارات المستثمرين.
أهم ما يجب تذكره
-
الأمر التشريعي رقم (74) لسنة 2004 لم يضع تعريفًا صريحًا للمعلومة الداخلية.
-
تعليمات رقم (16) لسنة 2011 قدمت تعريفًا واضحًا للمعلومة الداخلية وربطتها بعدم الإتاحة للجمهور وإمكانية التأثير على السعر عند الإفصاح.
-
مشروع قانون 2019 استخدم مصطلح المعلومة الجوهرية وركز على معيار التأثير الكبير على السعر وقرارات المستثمرين.
-
الفقه القانوني يميل إلى عناصر ثابتة: السرية + التحديد والدقة + الصحة والتوثق + التأثير الجوهري على السعر.
-
تقييم “الجوهرية” يعتمد غالبًا على سؤال عملي: هل ستؤثر هذه المعلومة على قرار المستثمر العادي (شراء/بيع/احتفاظ) لو علم بها؟
نقاط سريعة تساعدك على التطبيق العملي
-
لا تُعد كل معلومة مهمة “داخلية” تلقائيًا؛ العبرة بتوافر الشروط القانونية.
-
الإفصاح الرسمي هو الحد الفاصل بين المعلومة الداخلية والمعلومة العامة.
-
كلما زادت قابلية المعلومة لتحريك السعر زادت حساسيتها القانونية وخطورة استغلالها قبل الإعلان.
اتخذ إجراء الآن وتواصل معنا
إذا كنت تمثل شركة مدرجة، أو مستثمرًا، أو مطّلعًا (Insider) وتحتاج إلى تقييم قانوني دقيق لمعلومة ما قبل التداول، أو ترغب في مراجعة إجراءات الإفصاح والامتثال وتفادي أي مسؤولية محتملة، تواصل مع:
سنساعدك في شركة محاماة في العراق في فهم ما إذا كانت المعلومات محل البحث تُعد معلومة داخلية/جوهرية وفق التشريع العراقي، وما هي الخطوات القانونية الآمنة للتعامل معها.